مراجعة قضائية أعمق لقرارات محكمة التحكيم الرياضية لضمان الامتثال لقانون الاتحاد الأوروبي

المؤلف: لندن - رويترز10.04.2025
مراجعة قضائية أعمق لقرارات محكمة التحكيم الرياضية لضمان الامتثال لقانون الاتحاد الأوروبي

أصدرت محكمة العدل الأوروبية، وهي أعلى سلطة قضائية في القارة الأوروبية، يوم الجمعة الماضي، قرارًا تاريخيًا يستدعي إجراء تدقيقات معمقة وشاملة في القرارات الصادرة عن محكمة التحكيم الرياضية المعروفة اختصارًا بـ «كاس». ويهدف هذا الإجراء إلى ضمان التزام قرارات «كاس» التام والكامل بقوانين الاتحاد الأوروبي النافذة.

ويأتي هذا القرار القضائي الهام على خلفية القضية التي رفعها نادي سيراينج البلجيكي. ففي عام 2015، فرض الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» حظرًا على النادي البلجيكي يمنعه من إبرام أي تعاقدات جديدة لمدة عامين كاملين، بالإضافة إلى تغريمه مبلغًا ضخمًا قدره 183 مليون دولار أمريكي. وجاءت هذه العقوبات القاسية بسبب قيام النادي بتوقيع اتفاقيات مع شركة «دويين سبورتس» المالطية، والتي حصلت بموجب هذه الاتفاقيات على جزء من الحقوق التجارية للاعبين.

واعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» أن هذه الاتفاقية تشكل انتهاكًا صريحًا للقواعد المعمول بها، حيث لا يحق لأي طرف ثالث امتلاك الحقوق التجارية الخاصة باللاعبين. وقد أيدت محكمة التحكيم الرياضية «كاس»، بصفتها أعلى محكمة رياضية، وكذلك المحكمة الفيدرالية العليا في سويسرا، هذه القرارات والعقوبات الصادرة بحق نادي سيراينج. وعلى الرغم من ذلك، لم يستسلم النادي البلجيكي وقام برفع دعوى قضائية أمام المحاكم البلجيكية للطعن في مدى توافق هذه القواعد مع قانون الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من أن قرارات محكمة التحكيم الرياضية «كاس» تعتبر في العادة نهائية وغير قابلة لإعادة التقاضي بشأنها، إلا أن المحكمة البلجيكية لجأت إلى محكمة العدل الأوروبية، والتي رأت أن هذا النطاق من الأحكام يتعارض بشكل واضح مع قانون الاتحاد الأوروبي.

وتبين للمحكمة أن الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قد أجبر النادي البلجيكي على اللجوء إلى محكمة التحكيم الرياضية «كاس» من أجل حل النزاع القائم، بدلًا من السماح له بحرية اختيار الجهة القضائية المختصة لحل هذا النزاع، وهو نظام شائع ومعمول به على نطاق واسع في حل النزاعات الرياضية.

ويضع هذا الحكم القضائي الصادر فعليًا قيودًا كبيرة على قدرة محكمة التحكيم الرياضية «كاس» على إصدار قرارات نهائية، وخاصة عندما تستند هذه القرارات إلى شروط التحكيم التي تفرض من جانب واحد من قبل الهيئات الرياضية المختلفة.

وأكدت محكمة العدل الأوروبية أيضًا أن القوانين المعمول بها في أي دولة تنظر إلى هذه الأحكام الصادرة عن محكمة التحكيم الرياضية «كاس» على أنها محصنة من المراجعة الإضافية، تعتبر مخالفة صريحة لقانون الاتحاد الأوروبي.

وأضافت المحكمة في بيانها: «أي محكمة أو هيئة قضائية وطنية ملزمة بنفسها بإلغاء أي تشريع أو لوائح رياضية تمنع هذه المراجعة القضائية الفعالة للأفراد المتضررين». وهذا يعني أن المحاكم الوطنية في دول الاتحاد الأوروبي لديها الآن سلطة التدخل في قرارات «كاس» إذا كانت تتعارض مع قوانين الاتحاد الأوروبي.

وفي الوقت الراهن، تخضع جميع قرارات محكمة التحكيم الرياضية «كاس» للمراجعة من قبل المحكمة الاتحادية في سويسرا، والتي تعتبر أعلى سلطة قضائية في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أنه يتم الطعن سنويًا بنحو ستة بالمئة من هذه القرارات الصادرة عن «كاس».

ومن جهتها، أوضحت محكمة التحكيم الرياضية «كاس» أن محكمة العدل الأوروبية قد قضت بأن مراجعة قراراتها ينبغي أن «تقتصر فقط على السياسة العامة للاتحاد الأوروبي». وهذا التفسير يضيق نطاق المراجعة ويحصرها في مسائل محددة.

وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من القضايا التي تنظر فيها محكمة التحكيم الرياضية «كاس» تتعلق بقضايا تعاقدية وتأديبية لا تخضع لقانون الاتحاد الأوروبي، فإن المسائل المتعلقة بقانون المنافسة داخل الاتحاد يمكن بالفعل الطعن فيها أمام المحاكم الوطنية للدول الأعضاء بعد صدور حكم سابق لمحكمة العدل الأوروبية.


سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة